سراب
وأنا في طريقي إلى العمل على متن سيارة زميلي وكان ذلك يوم العطلة الأسبوعية. كان يوما حارا في فصل الربيع وكأنه يقول
"لنا ساخرا "هذا مجرد بث تجريبي لحرارة الصيف
بينما أنا أتحدث مع زميلي لمحت عيناي حدثا بل ظاهرة لم أرها منذ مدة طويلة. سراب الطريق ما لمحته عيناي حينها. بالرغم من أنه مجرد سراب ماء كاذب قلت في نفسي "أنا حي". لا أعلم لم، لكن ذلك الشعور الذي غمرني حينها لم يخالج كياني منذ شهور.. أردت أن أفتح نافذة السيارة وأخرج رأسي صارخا "أنا حي!" لكن فخري منعني
حياتي عادية جدا في نظر من يعرفني ويقولون أن طريقتي عيشي مملة. لا أذهب للمقهى ومشاهدة مباريات الكرة كعادة جل شباب اليوم، لم أتزوج بعد ولا أخرج وأواعد الفتيات، وغيرها مما يفعله الآخرون كثيرا حتى صار عادة وثقافة يومية بالنسبة لهم
لا أشعر بالملل كما يقولون. قد أقضي أياما وأنا متكئ في السرير أفكر وأتأمل ولا أتعب. وكأنني آخذ استراحة من الدنيا لما أفعل ذلك. لست بعالم دين أو طالب علم، لكن أعتبر التأمل والتفكر عبادة
يومي أقضيه بين دوام كامل وهواياتي والأهم طاعة الله سبحانه. أحاول أن أستمتع بأبسط الأشياء. مجرد دحرجتي لصخرة وسط الطريق يمتعني، دائم الابتسامة حتى ولو كانت أيامي تعيسة
أنا حي. أعرف أن سنواتي التي عشتها والباقي الذي سأعيشه مجرد سراب منذ أن خلق الله الدنيا. رغم ذلك فأنا أطمع وغريزتي مملوءة بالجشع نحو تخليدي اسمي في تاريخ هذه الدنيا. لا أريد أن أموت وينساني الناس، بل لا أريد أن أكون حي أتنفس وأنا ميت
هل تعلمون متى يموت الإنسان؟ هل يموت عندما تخترق رصاصة قلبه؟ كلا.. هل يموت عندما يصاب بمرض لا علاج له؟ كلا.. يموت الإنسان عندما ينساه الناس!.. مقولة أثرت بي كثيرا كلما غرقت في غياهب العزلة أنقذتني.. أكره فكرة أن ينساني الناس وأنا حي فحتما سأكره أن لا يتذكرني أحد بعد موتي بسنة أو عقد أو قرن
أعلم أن مرادي شبه مستحيل وقد يكون مجرد سراب ماء لمّا تصله لن تجد عنده شيئا.. لكن عزيمتي واصراري مع إيماني بالله وما قدر لي سأصل إلى مبتغاي ولو بعد حين
.هذا سرابي وهذا هو أنا
0 comments: